الأربعاء، 1 أغسطس 2012

بين حفظ الداتا وتسيّب المعلومات.. خصوصيتنا تضيع


بين السياسة والكيد والمصالح تتنقّل مواقف السياسيين اللبنانيين، فمن وقف ضد مرور خطوط التوتر العالي فوق رؤوس المتنيّين في الماضي، بات اليوم يريد تمريره بأيّ وسيلة ممكنة، لأنّ مصلحته تقضي بذلك.. ومن كان يعارض بيع الأراضي لغير اللبنانيين بات السمسار الأول والمميز في المنطقة.


وتماشيًا مع قانون النسبية الذي أتحفنا به العالم الألماني "ألبرت أينشتاين"، يتعامل سياسيونا اللبنانيون مع المعطيات السياسية المحلية والخارجية بنسبية واضحة.. فمن أحقية انقلاب النظام في مصر وتونس وليبيا، الى عدم اعتبار الحقوق المدنية للمواطنين السوريين والبحرينيين والسعوديين حقًّا لهم، تتراوح مواقف "ملوك الطوائف" بين القبول والرفض، بحسب المعايير المتاحة امامهم والظروف المحيطة بهم.

أمّا في الشأن اللبناني، يتعامل القادة اللبنانيون مع المسائل الداخلية باعتبارها حقًّا لهم، دون أن يقيموا اعتبارًا للمواطن، ولا رأيه، ولا مصلحته. ففي دولة لا كهرباء فيها ولا مياه، وأسعار المحروقات فيها ترتفع يومًا بعد يوم، وحوادث السير الى ازدياد بسبب الطرقات المدمّرة، ونسبة الهجرة تكاد تتخطّى الـ 100%، والى ما هنالك من قشّ يقصم ظهر المواطن يومًا بعد يوم.. يجهد السياسيون اللبنانيون لصرف نظر المواطن عن لقمة عيشه، وتلهيته بالخلافات البيزنطية العقيمة التي لا تنتهي الى نتيجة.

ففيما تجهد بعض القوى السياسية للحفاظ على عذرية "الداتا الإلهية"، في بلد المستور فيه مكشوف والحقيقة مخبّأة، تقوم بعض الشركات الربحية بالتعاطي مع خصوصيات المواطنين باستخفاف معلن، فتقوم بارسال رسالة نصية قصيرة فحواها: "شو ما كان الرقم، صار فيك تعرف مين صاحبو. اتصل على 1413.. عملائنا بانتظارك 1$".

خرجت هذه الظاهرة الى العلن مرّة في عهد وزير الداخلية زياد بارود، فقام بوقف هذه الخدمة من الشركة بقرار قضائي، وبقيت الخدمة في تداول سري أو غير معلن لدى بعض الأشخاص.

أمّا اليوم، وعلى عهد التيار الذي لا يريد كشف خصوصية اللبنانيين من خلال تسليم داتا الإتصالات الى الجهات الأمنية والقضائية المختصة، أطلقت هذه الشركة خدمة تخوّل المشترك فيها من معرفة صاحب رقم السيارة أو الهاتف الذي يريد، والتطفل على خصوصياته.

ويبقى السؤال، أين وزراء الداخلية والاتصالات وقوى الأمن والقضاء من هذا التخطي لحدود القانون والحرية الشخصية والخصوصية الأمنية؟

أين وزير الإتصالات ولجنة الإتصال والإعلام من هكذا تجاوزات، وأين الجهات القضائية التي تراقب وتحاسب من يتخطى القوانين ويلتفّ عليها؟

كنّا نعتقد أنّنا نعيش في مزرعة مبعثرة، ولا بد أن يأتي اليوم الذي تصطلح فيه.. أمّا اليوم فقد تأكّد أنّنا نعيش في "تايتانيك"، اصطدمت منذ نشاتها بجبل جليد، وبدأت تغرق رويدًا رويدًا.. والجميع ينتظر لحظة سقوطها بالكاملن كي يستولي على مغانمها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق