الخميس، 21 أغسطس 2014

نحو مجلس الأعيان..

تميّز لبنان في الآونة الأخيرة بما سُمّيَ بـ"الديمقراطية التوافقية"، وهي بتعريفها نوع من الديمقراطية الذي يتميّز بتراجع أسلوب الصراع السياسي بين الأقلية والأكثرية. لكنّها بالممارسة، نوع من الديكتاتورية الجماعية التي تقوم بها الطبقة الحاكمة تجاه الجماعات داخل الدولة، فيوهم كل مسؤول جماعته بأنّه يحافظ على مصالحها.



وفي حين لا تُمارَس هذه العملية بين "بلوكات" النواب المنتخبين من الشعب، أو بين الوزراء المعيّنين من قِبَل هؤلاء النواب – وأغلبهم يكون وزيراً ونائباً – فإنّها تأخذ وقتاً طويلاً، بغية ضرورة الرجوع الدائم إلى رئيس الكتلة النيابية أو الحزب لاتخاذ القرار النهائي.

وفي الآونة الأخيرة، وبحجّة الوضع الأمني، يقوم النواب اللبنانيون بالتمديد لأنفسهم عبر مشروع قانون استثنائي يقوم على حجة الأمن المهزوز ظاهرياً، والتوازن النيابي الذي من الممكن أن يتغيّر في ظل القانون الحالي أو أي قانون انتخابي جديد باطنيًّا.

من هذا المنطلق، وبهدف توفير الوقت على اللبنانيين، والنواب، ورؤساء المجموعات السياسية، والمشرعين الذين يقضون معظم وقتهم في محاولة إيجاد حلول مشتركة و"توافقية"، فإنّ اقتراح حل مجلسي النواب والوزراء، إضافة إلى رئاسة الجمهورية المعطّلة مسبقاً، وتشكيل مجلس أعيان من ملوك الطوائف، مع تحويل الحاشية النيابية لمساعدين منتدبين لحل المسائل العالقة، هو الأنسب لحل الستاتوكو القائم حاليًا في إدارات الدولة ومؤسساتها.

مجلس الأعيان يستطيع الحكم بفاعلية أكبر من المجالس الموجودة حالياً، فهذه المجموعة هي منبع القرارات كافة، الكبيرة منها والصغيرة، والسياسة الخارجية كما تعيين موظف درجة عاشرة.

مجلس الأعيان هذا، سيكون سبّاقاً في بعث نوعٍ جديد من الديكتاتورية الجماعية – بعيداً عن الديكتاتورية الفردية التي تناهضها الشعوب في السنوات الأخيرة – كما أنّها ستكون حافزاً لكسر العداوات القائمة على السباق نحو الكرسي.

فلنسعَ نحو إنشاء مجلس أعيان دون رئاسة أولى وثانية وثالثة، ودون التكلف على انتخابات تفرز 128 شخصاً ملتزمين مقاعدهم النيابية، إلا إذا ماتوا أو توقّف الرضى عنهم.. وفي كلا الحالتين لا تتوقف رواتبهم حتى تتبعهم زوجاتهم أو بناتهم غير المتزوجات.

فلنسعَ نحو مجلس الأعيان ونريح تفكيرنا من التقاتل السياسي على جبنة فاسدة، واللعب بمصائرنا وعقولنا لإنتاج اتفاقات تسوية تدوم فقط حتى الإتفاق التالي.. تسويات كي تبقى حصصهم متوازنة في السيطرة على مقدرات دولة عاجزة.. عاجزة حتى عن دعم كرامة أبنائها.