الجمعة، 19 أكتوبر 2012

إستشهد وسام الحسن.. إنطفأت صفارة الإنذار


حامي اللبنانيين وأحد أركان نظام الوقاية الأمنية في لبنان استُهدف في الأشرفية.
وسام الحسن، الذي كشف العديد من الجرائم ومحاولات تفجير الوضع الداخلي في لبنان، آخرها القبض على المتهم بالخيانة العظمى ميشال سماحة، تحمّل وأُصيب بالعديد من الإتهامات بالعمالة من قبل حزب الله وورقته المسيحية ميشال عون..

بعد الرائد وسام عيد، اللواء فرانسوا الحاج، الناجي العقيد سمير شحادة، وعدد من العسكريين الذين كان لهم اليد الطولى بالعمل على ضبط الأمن في لبنان، استهدف المتضررون من الاستقرار والأمن في لبنان رئيس فرع المعلومات وسام الحسن.
وعلى طريقة التخطيط لاغتيال الصحفي جبران تويني، تم اغتيال الحسن بعد يوم واحد من عودته من فرنسا، بعد زيارة قام بها لعائلته الموجودة في باريس بسبب خوفه من استهدافهم معه.

المسؤول عن أمن المطار معروف، حزب الله الذي قام بحرب على اللبنانيين في أيار 2008 بسبب طلب ضبط شبكة اتصالاته وكاميرات المراقبة الموضوعة في المطار، والولاء الكلي للضباط والعسكريين المرتبطين به لولاية الفقيه، دون أي اعتبار للدولة وهيبتها..

المسؤول عن التفجير معروف، ميشال سماحة والذين على شاكلته من الخونة الذين يجاهرون بولائهم لا للدولة الأم، بل لدولة شقيقة.. ممّن يحملون ويحمّلون سياراتهم عبوات تنسف منازل الناس الآمنين والسلم الأهلي... وخلالها يحاولون نسف الحرية والتطور والتقدم والأهم... نسف الإنسانية.

منذ العام 2005، أحد عشر شخصية سياسية وأمنية تمّ استهدافها، إضافة الى أربع محاولات اغتيال، ومئات الضحايا من المدنيين اللبنانيين، جميعها طالت فاعلين في ثورة الأرز.. هذه الثورة التي قام بها الشعب اللبناني على الظلم والاستبداد، مطالبا بالحرية.. هذه الحرية التي يكرهها كل نظام استبدادي ظالم، من سوريا الى حزب الله الذي قدّم الحلوى للمارة إثر اغتيال ديك النهار.

منذ العام 2005، برز نجم الحسن على الساحة الأمنية، من تقديم أدلة للمحكمة الدولية، الى القبض على عصابات فتح الإسلام والتجسس لصالح إسرائيل، الى الخبطة الكبرى التي أدت الى كشف ميشال سماحة وعلي المملوك والمتواطئين معهما في لعبة تفجير لبنان.

السؤال الأهم هو: كيف يمكن للناس العاديين الاطمئنان على أمنهم، بعد أن طالت أيدي الإجرام الحلقة الأساسية في الأمن اللبناني؟

ماذا يريد هذا الآخر الهمجي القاتل من الشعب اللبناني؟ يريدنا أن نهاجر أو يقتلنا؟ أم يريدنا أن نعيش تحت سطوته؟

اللبنان الذي نريد خال من الإغتيالات، من الموت، من الإرهاب.. اللبنان الذي نريد هو لبنان الحرية والديمقراطية.. لبنان الذي يحاسب.. لا يسامح ولا ينسى

الأحد، 26 أغسطس 2012

باب التبانة وجبل محسن.. ونظرية القرود الخمسة


توقف تجدد الإشتباكات في طرابلس.. أم ربما لم يتوقف.. بل تمّ تأجيله الى مناسبة أخرى، أشدّ سخونة من الحالة، وأكثر احتياجا.. بالطبع مع استمرار القنص المتقطع في عاصمة لبنان الثانية.



باب التبانة وجبل محسن، منطقتان لا يذكرهما العالم إلا سويّا، وللأسف، لا يذكرهما الا مع بدء المناوشات بين أبنائهما، مناوشات تمتد الى ماضٍ بعيد، يفصل بينها هدوء حذر.. وشارع سوريا، الذي أصبح السبب الأساس في الخلاف، لأن الخلاف الأول زال بزوال أطرافه، واليوم تبنّت الأجيال الجديدة هذا الخلاف، فقط لأن "الآخر" على الجهة الأخرى من الشارع.

علم السلوك الاجتماعي فسّر هذه الظاهرة بـ "نظرية القرود الخمسة"، التي قام بها أحد العلماء ليثبت أنّ الغريزة والتعلّم أساسيّان في السلوك. وما يلي يعرض النظرية عرضا موجزًا لمن لا يعرفها:

نظرية القرود الخمسة:

""أحضر أحدهم خمسةَ قرود ووضعها في قفص، وعلق في منتصف القفص حزمة موز، ووضع تحتها سلماً، بعد مدة قصيرة حاول قرد من المجموعة اعتلاء السلم محاولا الوصول إلى الموز، وما إن وضع يديه على الموز أطلق رشاش من الماء البارد على القرود الأربعة فأرعبها..

بعد قليل حاول قرد آخر أن يعتلي نفس السلم ليصل إلى الموز، وتكرَّرت نفس العملية ورُش بقية القرود بالماء البارد، وتوالت القرود بالمحاولة ليصاب الآخرون بالماء البارد.

بعد فترة، وعند محاولة أي قرد الوصول إلى الموز، بدأت القرود الأخرى بمنعه، خوفًا من اماء البارد.

بعد هذا، قام هذا العالِم بإبعاد رشاش الماء البارد، وأخرج قردا من الخمسة إلى خارج القفص ووضع مكانه قردا جديدا لم يعاصر تجربة الماء البارد ولم يشاهدها، بالتالي توجه فور دخوله الى السلم لقطف الموز، فهبّت المجموعة المرعوبة من الماء لمنعه وهاجمته، وبعد أكثر من محاولة تعلم هذا القرد أنه إذا حاول قطف الموز سينال نصيبه من الضرب.

واستمرت العملية حتى تم استبدال كل القرود القديمة بالجديدة واحدًا تلو الآخر، ونرى أن القرود الموجودة في الداخل تشارك في ضرب القرد الجديد، على الرغم من أنها لم تعاصر رش الماء البارد، ولا تدري لماذا تمّ ضربها في السابق.. كما أنها لا تدري لماذا تضرب القرد الجديد..!!""

هذه النظرية تنطبق على كل اللبنانيين، وبالطبع علينا أن نضيف إليها قضية الثأر التي لا تنته مع الأجيال الحاضرة أو الماضية.. بل تمتد الى مستقبل مجهول، يضيّع حياة العديد من أبناء منطقة "عاطلة عن العمل" منذ قيامها.. منطقة تحتاج الى اهتمام ورعاية مفقودة، كي تبتعد عن أن تكون مكتب بريد للرسائل الداخلية والإقليمية.

الثلاثاء، 21 أغسطس 2012

الجيش اللبناني.. عالأرض يا حكم


"اللي بيغيّر عادتو.. بتقلّ سعادتو".. مثل لبناني يطبّق على جميع شرائح هذه البقعة من المنطقة العربية التي تسمّى لبنان.


نبدأ برئيس الجمهورية، الذي تذكر اليوم، بعد حوالي أسبوع على بروز "الجناح العسكري لعشيرة آل المقداد" على الساحة الأمنية، تذكّر أن عمليات الخطف أمر مرفوض.. واكتفى فقط بهذا التصريح..

لكن للأمانة، موقفه الجديد من النظام في سوريا يحسب له، فهو أول رئيس جمهورية بعد الحرب يجاهر بهكذا موقف!!

رئيس الحكومة، الذي من شأنه ووظيفته التي ندفع له معاشه من أجل القيام بها هي متابعة الأحداث على أرض الواقع، لم يقطع عمرته كي يسأل عن هذا الجناح الطائر الذي حمل البلد الى المجهول.. كما أنّه لم يعكّر صفو عطلته على العيد، ليعمل على تهدئة الوضع الأمني الذي استشرى في مدينته الأم طرابلس، بل انتظر حتى ظهر اليوم كي يدعوأهل المدينة "المسالمين" الى التحلي بالحكمة وعدم الإنزلاق في نيران المنطقة"..

يا معالي الوزير: ليس الأهالي المسالمين من قام بالمعارك، بل هم غير المسالمين.. فالمسالمون يتضرّرون نفسيًّا وجسديا من هذه المعارك، ولا من يسأل.

رئيس مجلس النواب، "معيّد وما على بالو بال".. وينتظر افتتاح الدورة العادية لمجلس النواب حتى يوقف الجلسات.

حضرات الوزراء والنواب، يسبّون بعضهم ويركبون على ضهر الشعب، ويقبضون معاشاتهم في آخر الشهر، حتّى بعد أن يستعيد ربّهم أمانته. "هيدا إذا كان عندن رب"!!

قوى الأمن، التي يتبع كلّ شعبة وفرع منها فريقا سياسيا، لا بتهشّ ولا بتنشّ، وكلّ يغطّي على هفوات ومشاكل الآخر.

الجيش اللبناني، الذي أثبت بسالته في معارك "نهر البارد"، لا يملك الغطاء السياسي اليوم ليتدخّل في الصراعات "السياسية - الأمنية - العسكرية"، بل إنّ كل ما يستطيع فعله هو الوقوف والإحتماء من أمطار الرصاص والقذائف التي تسقط عليه..

كما أنّه لا يستطيع الوصول الى مكان آل المقداد المعروف، لأنّهم يملكون غطاءاً مقاوماتيًا صاروخيًا لا يستطيعون مجابهته..

ولأنّ لبنان هو "المحافظة الخامسة عشر" في "الأمة العربية السورية"، لا يستطيع الجيش اللبناني الرد على إطلاق النار السوري على الجانب اللبناني من الحدود، ولا حتى تقديم شكوى الى مجلس الأمن أو احتجاجا الى سوريا، ردًّا على هذه التعديات..

هذا الجيش ما زال يتعامل مع الصراع الموجود في باب التبانة على أنه خلاف عابر بين ولدين على "الكلة"، لكن أريد تذكير القيمين على هذا الجيش أنّ حرب 1860 بين الدروز والموارنة في جبل لبنان، قامت بسبب خلاف الأولاد على "الكلة"، ويجب علينا دائمًا تذكّر الماضي..

هذا  الجيش هو جيش كل اللبنانيين، وهو من عليه واجب حمايتهم والدفاع عنهم.. لكن إن كان هذا الجيش غير قادر على حماية الناس، لا يستطيع أن يسلّم القيادة الى عشائر وأجنحة عسكرية وحركات تقضي على ما تبقّى من الأمن والطمأنينة، في بلد يقوم على "18 إجر كرسي"، إذا انكسر أحدها.. ستقع الكرسي.

الاثنين، 13 أغسطس 2012

سَماحَةَ الخائن.. واستئصال الخاصرة الرخوة



بدأت اليوم أولى جلسات محاكمة ميشال سماحة، المواطن اللبناني الأصل، السوريّ الإنتماء. سماحة الذي لطالما كان يحذّر من مجموعات ارهابية تهدف للنيل من البلد، مشدّدا على أنّه يملك مستندات ولا يتكلّم من فراغ، تبيّن أنّه صادق، لم يكذب بشأن المستندات لأنه المشرف عليها، ولم يكذب بشأن المجموعات لأنه يديرها.



حلفاء سماحة، الذين لم يوفروا مناسبة الا واتهموا فيها فريق 14 آذار بالعمالة والسعي الى تخريب البلد، وبأنهم يصفّون بعضهم داخليا كي يتهموا فريق 8 أذار، لم يتنطّحوا للدفاع عنه، الا قلة تمثّلت بمحمد رعد، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة التي اعتبرت كلامه فرديا ولا يمثلها، الى بعض الصحفيين الذين هم على درب سماحة سائرون.

حلفاء سماحة، فاتهم مضمون أن الرجل متّهم بالخيانة ومحاولة تفجير المجتمع اللبناني، ومحاولة اغتيال البطرك الراعي، وربّما – من باب الاجتهاد والتحليل – ارتباطه باغتيالات ومحاولات اغتيال سابقة، وشدّدوا على أنّ "فرع المعلومات" غير شرعي، وعلى أنّ عناصر الفرع كسروا الباب، ودخلوا ملثمين، ولم يعطوا سماحة خبرًا بأنهم قادمون للقبض عليه – ربما كي تتسنى له الفرصة أن يهرب.

حلفاء سماحة، خاصة سيّد الضاحية، لم يتبرّع بكلمة واحدة عن صديق دربه على طريق الشام، ربّما لأنّه يعرف مسبقًا أنّ بضاعة سماحة المستوردة موقوتة، وليست فقط كلاما وأوامر.. أو لأنّه يريد الحفاظ على خط العودة، بعد شعوره بتهاوي نظام سيّده الأسد.

حلفاء سماحة، وللأمانة، تفوّق عليهم جنرال الرابية الأشمّ، فلم ينس دعم سماحة له في محنة عميله فايز كرم، الذي سكت عنه من يتّهم كل من لا يسير على خطاه بالعمالة، فقط بسبب ورقة تفاهم اصفرّت وسقطت.. فتنطّح سماحَةَ الخائن للدفاع عنه، لأنّه زميل الكار.

كرم كان عميلا لإسرائيل – الدولة العدوة الغاصبة – وحكم عليه بثلاث سنوات.. واليوم سماحة عميل لدولة "شقيقة"، فهل يفرج عنه لأنّه كان يحاول "استئصال الخاصرة الرخوة" لشقيقته؟؟ سؤال يبقى برسم الوقت للإجابة عليه، مع التنبّه الى أنّ اكتشاف أفعال سماحة تجعلنا شبه متيقّنين أنّ قنابل سورية في لبنان (أمثال وئام وهاب، وناصر قنديل، وغالب قنديل، ونصري خوري، وجوزيف أبو فاضل وغيرهم.. وعفوا اذا نسيت حدا)، هذه القنابل لم تعد تقنعنا أنّها قنابل صوتية فقط، بل إنّ وظيفتها تتعدى الصراخ والشتائم الى التصفية.

الجمعة، 3 أغسطس 2012

شبه دولة توافقية.. بالتراضي

تقوم الدولة على تطبيق قانون واضح وعادل، يطبّق على جميع المواطنين سواسية، ويقوم نظام الدولة على مجموعة من القواعد التي تحكم المجتمع. لكنّ الدولة اللبنانية – إن امكننا أن نسميها دولة – لا تراعي شعبها، ولا هيبتها، فقانونها يحتمل التأويل والتحريف، ويعلّم الشعب على اللف والدوران، ويقول المثل "الرزق السايب بيعلّم الناس الحرام".

فـ"لبنان"، شبه دولة بامتياز، لأن حجمه لا يحتمل ان يقسّم الى دويلات، ولأنه لم ينل بعد – منذ نشأته – مقومات الدولة القوية القادرة. فشبه الدولة هذا هو ما نطمح لأن نجعله دولة قوية، ووطنًا لجميع أبنائه، وطنًا نعتزّ به في المهجر كما نعتزّ بأبنائه الذين رحلوا عنه.

في شبه الدولة اللبنانية، يطبّق القانون حسب المحاصصة، والواسطة، والظروف السياسية..

في شبه الدولة اللبنانية، تعوّد اللبنانيون على قطع الطرقات لأتفه الأسباب، كما تعوّدوا على قطع الكهرباء..

في شبه الدولة اللبنانية، يخرج العميل معزّزًا مكرّمًا، ويُطلب إخلاء سبيل "البطل"، ويقفل العمال شركة الكهرباء، ويقفل الأسير طريق الجنوب..

في شبه الدولة اللبنانية، يتردّد وزير الخارجية بتوجيه كتاب لسفير دولة لأنه وحزبه يخاف من ردة فعل هذا السفير وأزلامه في لبنان، أو لأنه من أزلامه..

في شبه الدولة اللبنانية، لا كهرباء، لا مياه، لا طرقات، والسلطات تنهب أموال المواطنين لقاء خدمات غير صالحة للعمل..

في شبه الدولة اللبنانية، حلم كل شاب لبناني باب سفارة دولة أجنبية، تنقله من عيشة ذل الى نعيم مزيف، لأن من يترك وطنه لا وطن له..

هذه عينة من عدة مواضيع تقلّل من هيبة الدولة، وتجعل كل من يطمح الى عيشة هانئة هادئة يهرب الى مكان يجد فيه نفسه ويحقّق طموحاته.. فإلى متى سنبقى نخسر شبابنا وأدمغتنا وعناصر قوتنا البشرية بسبب تعنّت أهل السياسة وعدم التفاتهم الى مصالح شعبهم واحتياجاته؟؟ والى متى ستبقى حال اللبناني مرتبطة بمواقف سياسيّيه الذي يعوّلون على حاجة الشعب كي يبقى تابعًا لهم؟؟ والى متى سيبقى الأمن وقانون الإنتخاب والكهرباء والمياه والهاتف وغيرها من المواضيع الحيوية تعامل بالتراضي؟؟ والى متى ستبقى الحكومات "توافقية" تشدّد على "التعايش" وتوقف عجلة الدولة بسبب ربط المواضيع الحيوية بالتجاذبات السياسية؟؟ 

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

بين حفظ الداتا وتسيّب المعلومات.. خصوصيتنا تضيع


بين السياسة والكيد والمصالح تتنقّل مواقف السياسيين اللبنانيين، فمن وقف ضد مرور خطوط التوتر العالي فوق رؤوس المتنيّين في الماضي، بات اليوم يريد تمريره بأيّ وسيلة ممكنة، لأنّ مصلحته تقضي بذلك.. ومن كان يعارض بيع الأراضي لغير اللبنانيين بات السمسار الأول والمميز في المنطقة.


وتماشيًا مع قانون النسبية الذي أتحفنا به العالم الألماني "ألبرت أينشتاين"، يتعامل سياسيونا اللبنانيون مع المعطيات السياسية المحلية والخارجية بنسبية واضحة.. فمن أحقية انقلاب النظام في مصر وتونس وليبيا، الى عدم اعتبار الحقوق المدنية للمواطنين السوريين والبحرينيين والسعوديين حقًّا لهم، تتراوح مواقف "ملوك الطوائف" بين القبول والرفض، بحسب المعايير المتاحة امامهم والظروف المحيطة بهم.

أمّا في الشأن اللبناني، يتعامل القادة اللبنانيون مع المسائل الداخلية باعتبارها حقًّا لهم، دون أن يقيموا اعتبارًا للمواطن، ولا رأيه، ولا مصلحته. ففي دولة لا كهرباء فيها ولا مياه، وأسعار المحروقات فيها ترتفع يومًا بعد يوم، وحوادث السير الى ازدياد بسبب الطرقات المدمّرة، ونسبة الهجرة تكاد تتخطّى الـ 100%، والى ما هنالك من قشّ يقصم ظهر المواطن يومًا بعد يوم.. يجهد السياسيون اللبنانيون لصرف نظر المواطن عن لقمة عيشه، وتلهيته بالخلافات البيزنطية العقيمة التي لا تنتهي الى نتيجة.

ففيما تجهد بعض القوى السياسية للحفاظ على عذرية "الداتا الإلهية"، في بلد المستور فيه مكشوف والحقيقة مخبّأة، تقوم بعض الشركات الربحية بالتعاطي مع خصوصيات المواطنين باستخفاف معلن، فتقوم بارسال رسالة نصية قصيرة فحواها: "شو ما كان الرقم، صار فيك تعرف مين صاحبو. اتصل على 1413.. عملائنا بانتظارك 1$".

خرجت هذه الظاهرة الى العلن مرّة في عهد وزير الداخلية زياد بارود، فقام بوقف هذه الخدمة من الشركة بقرار قضائي، وبقيت الخدمة في تداول سري أو غير معلن لدى بعض الأشخاص.

أمّا اليوم، وعلى عهد التيار الذي لا يريد كشف خصوصية اللبنانيين من خلال تسليم داتا الإتصالات الى الجهات الأمنية والقضائية المختصة، أطلقت هذه الشركة خدمة تخوّل المشترك فيها من معرفة صاحب رقم السيارة أو الهاتف الذي يريد، والتطفل على خصوصياته.

ويبقى السؤال، أين وزراء الداخلية والاتصالات وقوى الأمن والقضاء من هذا التخطي لحدود القانون والحرية الشخصية والخصوصية الأمنية؟

أين وزير الإتصالات ولجنة الإتصال والإعلام من هكذا تجاوزات، وأين الجهات القضائية التي تراقب وتحاسب من يتخطى القوانين ويلتفّ عليها؟

كنّا نعتقد أنّنا نعيش في مزرعة مبعثرة، ولا بد أن يأتي اليوم الذي تصطلح فيه.. أمّا اليوم فقد تأكّد أنّنا نعيش في "تايتانيك"، اصطدمت منذ نشاتها بجبل جليد، وبدأت تغرق رويدًا رويدًا.. والجميع ينتظر لحظة سقوطها بالكاملن كي يستولي على مغانمها.

الأربعاء، 25 يوليو 2012

الدراما العربية.. استهداف للمجتمع اللبناني


لم تتدافع المسلسلات الرمضانية لاحتلال الشاشات هذه السنة في رمضان، بسبب الثورات الي عصفت في الدول العربية المصدّرة للأعمال الدرامية والكوميدية، فتأجّلت بعض الأعمال الى السنة المقبلة، بينما لا يزال البعض يسارع لتصوير حلقات جديدة.


لكن المريب هذه السنة تناول المجتمع اللبناني في المسلسلات المصرية والسورية، فمن مسلسل الفنان السوري سامر المصري "أبو جانتي"، الى مسلسل النجم المصري أحمد السقا "خطوط حمراء"، الى غيرها من الأعمال التي تعرض على بعض الشاشات، حيث تمّ إظهار شخصيّة في كلّ مسلسل هي "العاهرة" أو "اللعوبة"، وهي الفكرة التي يدأب البعض على ترويجها في الإعلام العربي، والتشجيع على السياحة الجنسية في لبنان، حيث يعانون من كبت في بلادهم، يجعلهم لا يفرّقون بين "الإنفتاح" و"الإنفلات".

المرفوض هو تناول اللبنانيات دائمًا كعاهرات، يترامَين على الرجال كأنّهنّ لا يبغين من هذه الدنيا إلا الرجال، وكأنّ الجنس شغلهن الشاغل.. وكأنّ الإنفتاح اللبناني على العالم، وسلاسة اللبناني التي تجعل الجميع يتمنّى التعامل معه، والمشي على خطواته، والتشبّه به في كلّ مقامٍ وحال، يعني أنّ اللبناني سهل المنال والإرضاء، ولا يعبأ بقيم أو عادات.

المرفوض هو البقاء على التفكير المتخلّف الذي يعتبر الشباب اللبناني، شبابًا يهوى الفلتان دون أية مسؤولية، شبابًا يريدون التدخين والشرب والإتجار بالسلاح والمخدرات والرقيق والعمل في الملاهي الليلية، وغيرها من الأعمال التي تعتبر من "الفواحش" أو "المنكرات".

المرفوض هو عدم تحرك المجتمع الفني والمدني اللبناني، وعدم تحرّك الدولة التي لا تحاول أصلا حل مشاكل مواطنيها، أو التي لا تتابع هذه المسلسلات بسبب انقطاع الكهرباء، لدى المسؤولين الذين لا يستطيعون الاحتفال بأعياد ميلادهم.

لا يجب أن نبقى على هذه الحال، لا يجب أن يكون "حيطنا واطي"، ولا يجب أن نسكت بعد اليوم على التجاوزات الأخلاقية التي تحصل بحقّ مجتمعنا الذي يستقبل الجميع برحابة صدر ولهفة لا مثيل لهما.

الاثنين، 23 يوليو 2012

سوريا.. واغتيالات المنطقة المخابراتية..


طبعت حادثة اغتيال كوادر النظام السوري المخابراتي داوود راجحة، آصف شوكت، حسن تركماني وهشام بختيار، عناوين الأخبار بخطّ عريض، من حيث أهميتها من الناحية النفسية والعسكرية للثوار السوريين ومن يساندهم، وأدّت – بشكل أو بآخر – الى قصم ظهر النظام الأسدي الذي كان يعتمد على هؤلاء الكوادر، الذين يهندسون قرارات النظام وأفعاله في الداخل والخارج. لكن هذا الاغتيال أدّى الى صرف النظر عن عدّة حوادث أخرى حصلت في الجوار السوري، ربطها البعض معنويًا، والبعض الآخر ماديًا بالعبوة التي توسّطت غرفة العمليات السورية.

"إغتيال "هاكان فيدان" مساعد رئيس الإستخبارات التركية في منزله بظروف غامضة من قبل مجهولين في إسطنبول."


هذا الاغتيال الذي تلا العملية السورية بساعات قليلة، لم تتضح معالمه بعد، وربّما لن تتّضح أبدًا، لكن بعض منظّري المؤامرات اعتمدوا على الخلاف الإسرائيلي – التركي لكي يعتبروه ردًّا على معاملة أنقرة لـ تل أبيب على الملأ وفي المحافل الدولية، وبأنّ توقيته كان ممتازًا في ظل التّلهّي العالمي بتداعيات الأحداث السورية.
 لكنّ السلطات التركية لم تعط تقريرًا رسميًّا عن الموضوع، بل اكتفت وكالات الأنباء التركية بإصدار نبأ عاجل عن الحادث.








"إغتيال بن عويز شامير قائد جهاز المعلومات الخارجية في الشاباك الاسرائيلى في فيينا."

حيث أكّدت وسائل الإعلام النمساوية مقتل شامير بظروف غامضة، ولم تتضح بعد تفاصيل الحادثة، فيما لم يتمّ تأكيد أو نفي الخبر من قبل الحكومة الإسرائيلية، كما لم يتمّ توجيه أيّ اتهامات.. وربط البعض هذا الاغتيال بقضية القيادي في حزب الله عماد مغنية، بينما اعتبره البعض الآخر ردًّا على التهجّمات الإسرائيلية على إيران..
أمّا الإهتمام الإسرائيلي فقد انصبّ على قضية السياح الإسرائيليين السبعة الذين قتلوا في مطار بورغاس في بريطانيا، التي قالت السلطات الإسرائيلية أن إيران وحزب الله يقفان خلفها، قبل أن يصدر بيانًا عن القاعدة تعلن فيها مسؤوليتها عن العملية.








"الوفاة المفاجأة لنائب الرئيس المصري السابق ورئيس المخابرات عمر سليمان في الولايات المتحدة الأميركية."

صدمت وفاة سليمان العديد من متابعي الشأن العربي والمصري، حيث انعدمت المعلومات عنه في الفترة الأخيرة، ولم يتمّ تسريب أي خبر عن دخوله المستشفى أو إصابته بنكسة صحية سبقت موته، فاعتبر المتابعون أنّ قضية وفاته غامضة، وطالبوا بتحقيق جنائي بسبب الوفاة، لوجود شبهة في وفاته وتشريح الجثة لمعرفة الأسباب الحقيقية وتحديد المتهمين الحقيقيين في حالة وجود شبهه جنائية للوفاة وضم جميع التقارير الطبية الخاصة به، والتي تبين وبدقة الحالة الصحية له من بداية دخوله مستشفى "كليفلاند" بولاية "أوهايو" الأمريكية، وحتى تاريخ وفاته.. كما تمّ تناقل بعض الأخبار عن أنّ سليمان قتل في انفجار مبنى الأمن القومي السوري، وتمّ نقله الى الولايات المتحدة لتغطية خبر موته هناك.


"الخبر الأخير: مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني في انفجار مبنى الأمن القومي."


هذا الخبر غير مؤكد حتى الساعة، كما أنّ مصادر إيرانية نفت مقتل سليماني، لكنّها – ككلّ الأنظمة الشمولية – اختارت عدم إخراجه الى العلن، فيما خرجت القيادة الايرانية بتأكيد رسمي عن أنّ "سليماني لم يقتل في الإنفجار الذي وقع في سوريا"، دون أن تحدّد إذا كان على قيد الحياة أم لا.. ويعتقد البعض أن هذا الخبر مؤكّد بسبب ردّة فعل نصرالله ونبرته العالية حول الشأن السوري واغتيال قادة النظام البعثي، فبالإضافة الى قوة الضغط التي يتمتع بها النظام السوري في لبنان، فإنّها تعتبر سندًا لوجستيًا استراتيجيًا لـ"حزب الله".






في النهاية، هل اختار ملك الموت أهم المسؤولين في أجهزة المخابرات حول العالم كي يستدعيهم لديه؟ أم هو اغتيال ممنهج من قبل قوى كبرى تحاول التخلص من آثار الأنظمة العربية السابقة وعلاقاتها؟ أم هي تحركات جديدة لبعض فصائل الإسلام السياسي، بعد خوفها من الفضيحة؟ خصوصا أنّ عمر سليمان وآصف شوكت وقاسم سليماني يملكون في أيديهم ملفات خاصة لهذه الفصائل مرتبطة بحقبة سابقة سوداء لا تريدها هذه الفصائل أن تفتح؟؟

السبت، 21 يوليو 2012

سوريا.. ممانعة العراق ونأي لبنان


في حين تشتدّ الأزمة السورية على المواطنين - أكانوا موالين، معارضين أو محايدين – تحاول جميع الدول المعنية بالشأن السوري الإبقاء على حصصها من النفوذ أو الحصول على حصص جديدة. أمّا الحركات المرتبطة بسوريا ارتباطاً لوجيستيًا استراتيجيًا، تتّبع نهج "الهر المحشور في الزاوية" الذي يقاتل حتى الرمق الأخير، كي تفتح لنفسها كوّة في الجدار الذي ينهال عليها شيئًا فشيئًا.


 الدول الكبرى و"دول المصلحة"، لا يعنيها التدخل في شؤون المواطنين السوريين الا إن كانت ستجني بعض النقاط الإضافية منهم، لكن دول الجوار هي التي يجب أن تهتم بأوضاع هؤلاء المواطنين، الذين أصبحوا، أو سيصبحون لاجئين مؤقتين في هذه الدول، ريثما ينتهي القصف والدمار في أنحاء وطنهم.

تركيا، التي وقفت الى جانب الثوار مذ بدأ الأسد بقصف المتظاهرين المطالبين بحقوقهم، استقبلت آلاف اللاجئين في مخيمات على حدودها مع سوريا. وحاولت عبر إمكاناتها، أو عبر المجتمع الدولي استجلاب الدعم المادي والمعنوي للثوار السوريين واللاجئين على السواء. رغم ذلك، كانت تركيا في الفترة الأولى المفاوض الرئيس بين الثوار والنظام، وبين النظام والدول الكبرى.

الأردن، التي وقفت على الحياد واهتمت ببعض المشاكل وشبه الإضطرابات الداخلية، عادت واستقبلت عددًا من اللاجئين من المدنيين والمنشقين عن الجيش النظامي، فيما انحصرت تصريحات المملكة الهاشمية بمحاولات التهدئة والدعوات للوصول الى حل مشترك.

العراق، نسي قادته إجرام صدّام حسين وبطشه، وكيف استقبل السوريون النازحين العراقيين في منازلهم وقراهم، وكيف امتلأت سوريا بالعراقيين وفيها ركّزوا أعمالهم ومصالحهم، واستفادوا من خيرات أهلها وأرضها، وهو ما تناساه النظام العراقي بالأمس عند محاولة بعض المواطنين السوريين العبور الى العراق هربًا من القصف الهمجي والمعارك الدامية.

لبنان، اتّبعت حكومته النأي بالنفس منذ بداية الأزمة السورية، واستمرّ هذا النأي حتّى بعد تحوّل المظاهرات الى ثورة تعمل وتحارب لرحيل النظام البعثي. فقامت الحكومة بقطع الإعانات عن اللاجئين، بحجّة أنّ هناك بعض الناس يستفيدون بشكل غير قانوني من هذه المساعدات، ثمّ ما لبثت هذه الحكومة أن نأت بنفسها حتّى عن قصف قوات النظام السوري لبلدات تقع على المناطق الحدودية، بحجّة أنّها تحوي "جماعات مسلّحة تستعدّ لشنّ هجمات على الأراضي السورية". لكن، والحق يقال، لبنان لم يقفل حدوده في اليومين الأخيرين أمام المواطنين السوريين، الذين هربوا بعد التفجير الذي أودى بحياة أربعة من كوادر النظام وكبار قادته، والهجوم الذي شنّه "الجيش السوري الحر" على دمشق للسيطرة عليها. بل فتحت الحكومة المدارس، مع مناشدتها الدعم من دول أخرى، لأنها لا تملك الإمكانات الكافية لتتحمّل هذا القدر من النازحين، وهو ما يعتبر تعويضًا عن مواقفها في مجلس الأمن وأمام المجتمع الدولي.

... وفي المقال المقبل: ما هي أسرار اغتيال قادة مخابراتيين رفيعي المستوى من أربعة دول مجاورة لبعضها؟؟   

الثلاثاء، 17 يوليو 2012

الشعوب اللبنانية.. ومفهوم الدولة



إلى أين؟؟ ... عبارة نطق بها النائب وليد جنبلاط وأضحت على كل شفة ولسان، بأسلوب المزاح أو الجد أو إعادة السؤال. واليوم نحن، الشباب اللبناني الذي كان يتساءل حول مصير البلد، أصبح يتساءل عن أيّة حافة سيقع هذا البلد، وفي سبب انهياره.






إلى أين؟؟ ... عبارة تساءل بها الشباب اللبناني عن مصيرهم، عن وطنهم، وعن سيناريو العام 1969 عندما انقسم الشعب اللبناني حول الجيش، وبقي الإنقسام يتعاظم حتى بدءالحرب الأهلية عام 1975، هذه الحرب التي كلّفت لبنان واللبنانيين الكثير، ولم نخرج من تبعاتها الاقتصادية والفكرية والثقافية حتى اليوم.


إلى أين؟؟ ... يتساءل المواطنون حول الكهرباء المقنّنة منذ الأزل، والتي لو عرف العلماء أنّها ستصل الى هذا المستوى في لبنان لندم توماس اديسون على اختراعها، وتخلّى حسن كامل الصباح عن جنسيته اللبنانية.


إلى أين؟؟ ... يكمل الشباب اللبناني تساؤلاتهم، لكن هذه المرّة عن وجهة سفرهم، لا للسياحة، بل للهجرة والعمل، لأنّ دولتهم لا تستطيع أن تؤمّن لهم فرصة عمل، أو مستقبل مشرق.. إلا إن كان ولاءهم لأحد ملوك الطوائف مطلق.


هذه عينة من التساؤلات التي تنخر عقل كلّ شاب لبناني طموح، تعلّم من أخطاء أهله وسابقيه، وعرف أنّ الدولة لا تقوم دون اعتبارها وطنًا فوق كل الطوائف، وحيدًا لكلّ أبنائه.. وطنًا يعيش مواطنيه تحت القانون لا فوقه.. وطنًا يكون كلّ الولاء له، لا لمحاوره الضيقة ولا لجيرانه وإخوانه وأصدقائه.


في الكيان اللبناني، درجت العادة هذا الصيف على قطع الطرقات، إن بالدواليب المحروقة أو بمخيمات الاعتصام، التي تثقل كاهل المواطن وتتلف أعصابه، وهنا نلفت نظر المسؤولين عن حملة منع التدخين، على ضرورة سنّ قانون يمنع تنشّق دخان الدواليب، التي تشعل ليالي بيروت وضواحيها كل ليلة من ليالي الصيف.


عسى أن يصبح هذا الكيان، الذي يضمّ شعوبًا تعتبر أنّ أصولها تعود الى طوائفها، لا الى لبنانيتها.. عسى أن يصبح وطنًا ينتمي اليه الجميع، كي نستطيع الإنضواء تحت لواء دولة واحدة موحّدة، لا ينخر فيها سوس الطائفية والمناطقية، وتكون آراءها مختلفة، لا متنافرة.. دولة حيث القانون يخيّم على الجميع ويظلّلهم دون أن يقيّد حركتهم.