الأحد، 3 نوفمبر 2013

أحفاد نوستراداموس.. والعقول الهشة

رؤيا تحجب الرؤية عن الواقع، تعمي الأبصار وتبهر المشاهد بأخبار الآتي والمحقق وغير الحاصل..


الناس يحاولون التعلق بقشة للخلاص من واقعهم، بينما تتناقل الشاشات اللبنانية "أحفاد نوستراداموس"، الذين "تساورهم رؤىً" لا يستطيعون تفسيرها، فيتكلّمون بشكل مبهم، ويوهمون – أو يحاولون إيهام – الناس بأنهم يستشرفون المستقبل.

الوباء بدأ بالتغلغل في العقول المريضة أصلا، ذات ليلة رأس سنة مع "المتنبي" #ميشال_حايك، حين نخر يومها أدمغة الساهرين بعبارات هشة ضبابية تصلح لكلّ مقام، ولم يعط زمناً محددًا لحصولها. فيما بعد، عمد الإعلام إلى إسقاط هذه الأقاويل على أحداث للواقع المزري الذي نعيشه.

بعد هذه الظاهرة، بدأ البعض يقتنع بالماورائيات وما يتبعها من المعادلات والإسقاطات، والمنافسات للحصول على خدمات منجّم يملأ فراغاً، في العقل كما الوقت.

بدأ التفقيس التنجيمي، وبدأ المنجمون والمنجمات يظهرون الواحد تلو الآخر، لإكمال الإستنساخ والإستهبال والإستخفاف بعقول المشاهدين.

ظهرت #ليلى_عبد_اللطيف من لامكان، من ما وراء الوعي والمنطق.. ظهرت لتقصّ علينا وتؤكّد جدّية وصحة ما تقول.. ظهرت لتكلّم العالم بفوقيّة واشمئزاز، وتمنّنهم بأنّها تطلعهم على مستقبلهم..
 ظهرت "بابا فانغا Baba Vanga" الشرق الأوسط بعورة عقلها وقلّة هندامها، لتقصّ على الناس رؤياها وأحلامها، بكلمات واسعة فضفاضة تصلح لأي زمان ومكان، وبعبارات مستفزّة ولغة فوقية، تحسب خلالها أنّها هي التي تدبّر وتنفّذ ما تقول، لكثرة ثقتها بكلامها.

وبعيداً من التنجيم، قريباً من المعجزات، يحضر علينا شبح "The Horse Tail" #مايك_فغالي، الذي يستطيع عبر الهاتف ومعرفة إسم المتّصل، أن يحلّل شخصيته والمعوقات التي تحيط به، كما يقترح عليه الحلول لتخطيها، بطريقة باردة، متعجرفة، متمايعة إلى حد القرف.

إلى متى ستبقى الشاشات اللبنانية محطة للشواذ الفكري، ومنبراً للضحك على الناس والإستخفاف بعقولهم؟؟؟

إلى متى ستبقى الشاشات اللبنانية تملأ أوقات بثها الفارغة بفراغ أكبر، يوهم الجمهور بأنّه يعوّض عليهم فراغا عقلياً وعاطفياً ونفسياً؟؟؟

إلى متى سيستمر هذا التدمير الفكري للمشاهد؟؟؟ يريدون الإعلان والدعاية؟؟ أعطوها لهم، لكن ليس على حساب هموم ونقاط ضعف الناس..

ختاماً.. كذب المنجمون ولو صدقوا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق